"من شابه اباه ما ظلم" تلك العبارة تنطبق على الممثل أحمد عبد الله ابن النجم الكبير الراحل عبد الله محمود الذي اثرى الفن المصري بأعمال قيمة ليرحل باكراً قبل أن يحقق احلامه التي كان يكتبها في دفتر خواطره، وليظهر ابنه احمد ويمسك الراية من بعده ويسعى ليضع اسمه بين قائمة النجوم، وها هو اليوم يصب جام اهتمامه على العالمية بشرط ان يطل بشخصية المصري العربي الشهم وليس الارهابي.
حصرياً كان معه هذا اللقاء.
اجتهدت لسنوات مضت على موهبتك لكن هذا العام اثرت جدلاً كبيراً بسبب مشهد قميص النوم بمسلسل "الاسطورة" الذي حقق نسبة مشاهدة كبيرة، الى اي مدى كنت خائفاً وسعيداً بتلك التجربة؟
سأقول لك شيئاً، ترددت طيلة ثلاثة أشهر من توقيعي للمشاركة ببطولة مسلسل "الاسطورة" بسبب هذا المشهد، لا أنكر أني خفت منه جداً، لكن فجأة شعرت بأن هذا المشهد سوف يترك أثره لدى المشاهد كما أنه يتضمن رسالة، وهي أن لكل فعل معيب وفاضح ردة فعل قوية، اذ بالمشهد أسرق صور زوجة محمد رمضان وهي بقميص النوم من الموبايل وأنشرها على الانترنت، وعندما يخرج زوجها من السجن ينتقم منه ويجعله يرتدي نفس قميص النوم الأحمر في الحارة الذي فُضِحت بها زوجته.
المشهد يُظهر سارق الموبايل الى أي مدى هو سيئ ونذل ولا يحترم أعراض الناس ولذا اُهين بهذا الشكل، وبصراحة أكثر المشهد كان مكتوباً بشكل أقوى بكثير لكني طلبت من الكاتب أن يخفف من حدته مع المحافظة على توصيل ردة فعل الزوج وكان لي ما طلبت بكل طيبة خاطر.
للاسف يوجد فئة من الجمهور لا تحلل المشهد بل تأخذ ما تراه على الشاشة وتعمد الى تقليده بالواقع وهذا جهل، اذ ان كثيرين تقمصوا المشهد وصار كل من هب ودب يختلف مع أي كان يعمد الى ان يجبره على ارتداء قميص نوم وهذا ما يعني أن ردة قوية متفشية ببعض العقول، يعني مثلاً هل يُعقل أن نقلد سوبرمان ونرمي أنفسنا من السطح؟ طبعاً لا، وكذلك الامر بالنسبة لمشهد قميص النوم الذي أقام الدنيا ولم يقعدها بسبب تقليد البعض للمشهد الذي قدمته ومحمد رمضان، وللأمانة انا سعيد بالعمل ككل خصوصاً انه حقق نجاحاً كبيراً، لكن في الوقت عينه زعلت أن أكثر من واقعة حصلت بالفيوم وغيرها من المناطق تم فيها تقليد المشهد ما بين الناس بسبب بعض الخلافات.
اليوم يُعرض لك مسلسل "الكبريت الاحمر" ماذا عنه؟
سعيد جداً بهذا العمل، المسلسل برمته غريب للغاية، فيه اثارة وتشويق حبكهما الاستاذ عصام الشماع بصيغة مميزة من حيث الدراما وجديدة على السوق المصري، في السابق عندما كنا نشاهد أفلاماً رعب مصرية كنا نضحك، بينما في "الكبريت الاحمر" الامر مختلف تماماً اذ اننا كفريق عمل عندما نشاهد الحلقات بمنازلنا نخاف جداً.
الصديق احمد السعدني قال لي إنه كان يشاهد العمل وطار النوم من عينيه بسبب الخوف، علماً أنه بطل المسلسل الذي تدور أحداثه حول ضابط شرطة يقوم بالتحقيق في قضية حول اشتعال منازل بدون سبب واضح، ويعمد أهل المنطقة التي تشتعل فيها تلك المنازل بإحضار مشعوذ يدعى شمس لاعتقادهم أن تلك المنازل تشتعل بسبب الجن، ويقوم المشعوذ بفعل أشياء غريبة لإزالة الجن وهي كتابة حروف ورموز ورسم أشكال غريبة على بعض الورق، و يرمي الورق في الماء فيتفاجأ الضابط وأهل المنطقة بإشتعال الورق، تحت الماء فيشك الضابط بأن المشعوذ هو دجال ونصاب فيقوم بإعطاء المشعوذ ورقة أخرى في الجلسة الثانية اعتقاداً منه أن المشعوذ يستخدم مادة تسبب اشتعال الأشياء تحت الماء، فيخبره المشعوذ أنه اذا اشتعل الورق تحت الماء لن يرحمه الجن وسيطارده وأنه لن يستطيع فعل شيء، وبالفعل يشتعل الورق وتتحول حياة الضابط لجحيم فتحدث له أشياء غريبة مثل اشتعال منزله بدون سبب ويعيش الضابط حيرة ويتساءل اذا ما كان المشعوذ قام بإلقاء سحر اسود عليه انتقاماً منه أم أن هذا يحصل بفعل الجن، وتتوالى الاحداث بقالب مشوق.
أيضاً في فيلم "حرام الجسد" أثرت جدلاً كبيراً بسبب قوة مضمون العمل ومشاهده؟
"انا كده بحب اخرب الدنيا"، سأكون صريحاً معك، بعد وفاة والدي النجم عبدلله محمود عشت مرحلة طويلة تحت شعار"عاش الملك مات الملك" والكل اختفى من حولي رغم علمهم بأني أريد أن أعمل بالتمثيل، وأني من شدة شغفي بالفن عملت ككومبارس وصرت أذهب الى ستديوهات التصوير وأسلم على أصدقاء والدي لأذكرهم بنفسي، لكن لا حياة لمن تنادي وتمنيت لو أعطاني أحد فرصة لأثبت نفسي لأن الفن لا يحتاج الى واسطة بل الى موهبة واجتهاد من الممثل، وبالمقابل وجدت أن اسم والدي ترك أثراً طيباً لدى الجمهور وكل من كان مقرباً منه، لكن داخل المطبخ اي الوسط الفني الامر تجاهي كان عادياً للغاية الى أن صرت أسعى لأثبت نفسي وكنت حينها صغيراً، اذ عندما مات والدي عبدلله محمود كنت في السابعة عشرة من عمري وهو كان في الـ 44 سنة ومررت بظروف قاسية لا يعلمها سوى رب العالمين الذي أكرمني فيما بعد.
غنيت لوالدك قبل أن يموت ببضعة أشهر؟
-فعلاً، يومها كان مريضاً جداً في المستشفى وكان يعيش حالة انهزام تجاه المرض اللعين الذي أصابه، فقلت له إني أريد مالاً لأشتري ثياباً فأعطاني ما طلبت، وكانت الساعة الرابعة بعد الظهر، وذهبت الى صديق لي وكتبنا الأغنية في الستديو واتصلت بقريبي فلحنها لي وسجلتها على الفور وحملت عنوان "ربنا معاك"، وعند الساعة الرابعة فجراً فاجأته بالـ"سي دي" وأذاع التلفزيون الأغنية وبكى والدي من شدة الفرح، وطبع أكثر من نسخة وصار يوزعها الجميع في المستشفى، وبعد ايام قليلة قال لي جملة لن انساها وهي"انت ناوي تدخل السجن؟ عاوز تبقى فنان؟ الفن سجن لو دخلته لن تخرج منه ابداً"، فقلت له:"أنا ابنك وأعشق التمثيل مثلك تماماً".
ظهرت بفيلم "هي فوضى" ليوسف شاهين وخالد يوسف ككومبارس؟
صح، كان أول ظهور لي، علماً بأن شركة الانتاج نفسها أي شركة أفلام مصر العالمية هي التي قدمتني بأول بطولة مطلقة لي بفيلم "حرام الجسد"، المهم أني ذهبت الى مكتب المخرج الأستاذ يوسف شاهين ولم أستطع مقابلته، فكتبت طلب للعمل عنده بالشركة، فاتصلوا بي وطلبوني لتمثيل مشهد السجان أمام خالد صالح رحمه الله، وفي أول يوم تصوير شاهدني الأستاذ خالد يوسف وقال لي "انت لابس كده ليه؟"، وكنت حينها أرتدي زياً عسكرياً كما يتطلب المشهد فقلت له إني أمثل مشهداً بالفيلم فأنبني وطلب مني أن أترك مكان التصوير على الفور لأني ابن النجم عبدلله محمود ولا يُمكن أن أكون كومبارساً، فانخرطت ببكاء شديد ودخلت الى الاستاذ يوسف شاهين أشتكي له فقال لي بخفة ظله المعهودة: "مين انت يا حمار وبعدين انت حابب التمثيل" فقلت له جداً، فقال لي "خلاص انت معانا"، وصرت لمدة شهر ألتقيه يومياً ونفطر معاً ونتحدث ملياً، وبعدها صورت المشهد وصفق لي الجميع بالستديو، وخلال العرض فوجئت بأن يدي هي فقط التي ظهرت بالمشهد وصوتي يقول جملة "في مسجون مات بالسجن"، وقال لي شاهين إن في صوتي نبرة غريبة ولم أفهم حينها ماذا قصد.
درست التمثيل؟
تقدمت الى المعهد ورفضوني لأن والدي كان على خلاف مع بعض الأشخاص بالمعهد وهذا ما جعل بداخلي حافزاً أقوى للسعي لاثبات نفسي كممثل.
اي دخلت وكر الدبابير بكل طيبة خاطر؟
للأسف هذه هي الحقيقة لكنني لست نادماً، وأضع نصب عيني النجاح والانكسار لأن رحلة الفن دائما ما بين الصعود والهبوط، وما يسعدني اليوم أن أبناء جيل والدي كان عندهم رأي بشخصيتي الفنية واليوم اختلف رأيهم تماماً بعدما أثبت وجودي.
جيل والدك ظلموا بفترة معينة وهم احمد سلامة، وائل نور، شريف منير وغيرهم؟
اكيد، لكن من حقي أن أحلم وأخوض التجربة وبدأت من نقطة الصفر لأجعل بعدها الكل يقتنع بي وبموهبتي.
في "الاسطورة" كنتم مجموعة من الشباب الموهوب؟
الكل كان يريد العمل مع محمد رمضان، كما أن العمل نفسه ضم نخبة من كبار النجوم مثل فردوس عبد الحميد وهادي الجيار وصبري عبد المنعم.
هادي الجيار صرح بالقول إنه لولا مسلسل "الاسطورة" لكان بلا عمل بالموسم المنصرم؟
قرأت هذا الكلام وجميل أن يقول كل واحد منا ما له وما عليه، و"الاسطورة" جمع عدداً من النجوم الشباب والكبار على السواء.
أنت ضد نظرية الأوحد؟
عندما قدمت بطولة "حرام الجسد" كنت خائفاً، لكني وجدت الأمر أسهل مما كنت أعتقد بكثير اذ لا مانع من أن أمثل مع ستة أبطال زملاء لي أين الغلط بذلك؟
ماذا عن جديدك الفني؟
خائف من السينما ولا أريد أن أقدم إلا ما يضيف لي، وكلمة الاعتذار بالوسط الفني مهمة اذ تعطيني القوة وتقدم لي نصاً جيداً ولو بعد حين، وأيضاً بالدراما بعد "الاسطورة" و"الكبريت الاحمر" وقبلهما "سلسال الدم" لن أقدم الا أعمالاً قوية، لذا عندما عرض عليّ المشاركة في "الاب الروحي" وافقت وسأقدم فيه 30 حلقة فقط كونه مؤلفاً من 300 حلقة، وسيعرض لمدة عام كامل، وأجسد شخصية جديدة على المشاهد، وبالنسبة للعرض الرمضاني ما زلت أدرس العروض التي أتلقاها.
أكثر الأعمال التي تحبها لوالدك؟
عبدلله محمود كان مدرسة قائمة بحد ذاتها، هو الحب والفن الحقيقي، كان يأخذني الى الستديو معه ومن هنا تشربت عشق الفن، وكنت أذوب بوالدي حباً عندما أشاهده في التلفزيون، وكثير من الأعمال له تُبكيني حتى الآن مثل "مواطن مصري" بشخصية مصري الذي يُقتل ويحضرونه الى القرية ويتنكر والده لجثته، هذا المشهد كان يُبكيني بحرقة وكان بابا رحمه الله يقول لي "ليه بتعيط؟"، فأرد عليه "انت ميت والقطن بأذنيك ومكفناً ولونك ازرق ولا تريدني أن ابكي؟" وللأسف بعد سنوات حصل نفس المشهد لكن بالواقع عندما مات وشاهدته مُكفناً، احب جداً مسلسل "عصفور النار" بشخصية الحُسيني التي جسدها وتحديداً في مشهد وفاته الذي آلمني جداً.
في "عصفور النار" جسدت فردوس عبد الحميد دور شقيقته وبالأمس القريب مثلت معها في مسلسل "الاسطورة" ماذا قالت لك؟
قالت لي إن عبدلله محمود لن يتكرر، ولو أحضرنا سبعة نجوم ودمجناهم ببعض لن يجودوا بربع الأداء الذي كان يجسده عبدلله محمود، ونصحتني وشجعتني وعاملتني بأمومة ومحبة خالصة، هي فنانة كبيرة وقديرة على المستويين الشخصي والفني، وكانت تحب والدي جداً وتعتبره شقيقها الأصغر تماما كما كانا في "عصفور النار".
من تحب من أبناء جيل والدك؟
كلهم بلا استثناء، أحب شريف منير جداً، وأحمد سلامة رائع ووائل نور رحمه الله كان مميزاً، وهم بفترة معينة ظلموا وتعبوا الى أن استقدمهم النجم احمد زكي بفيلم "الاحتياط واجب" وأطلقهم.
احمد زكي كان صديقاً عزيزاً على قلب والدك؟
عندما خطب والدي والدتي، كان يعمل بفيلم مع احمد زكي ولاحظ الاخير ان بابا مضطرب فسأله "مالك يا عبدلله؟"، فقال له إن عيد ميلاد خطيبته اليوم وظروفه المادية لا تسمح له بأن يجلب لها هدية لأن الانتاج لم يعطه راتبه، فطلب منه احمد زكي أنه ينتظره مساءً وأن يحضر معه خطيبته أي أُمي، فذهبا وتفاجأ والدي ان احمد زكي حجز لهما مطعماً وادعى امام امي أن عبد الله هو من فعل ذلك للاحتفال بعيدها وأنه مدعو أي احمد زكي إلى حضور الحفل، ومن هنا توطدت الصداقة اكثر بينهما.
كانا الوحيدين الاسمرين بالوسط الفني وكلاهما عانى من السرطان ومات والدك في اربعين احمد زكي؟
صحيح، ثلاث رسائل تلقاها عبد الله محمود من أحمد زكي في أثناء صراعهما لمرض السرطان مضمونها الصبر والتوكل على الله أما التوقيع فهو من الأب لابنه ومن الصديق لصديقه، تأثير الرسائل الثلاث على والدي كان صعبا، حتى انه طلب مني مساعدته للوصول إلى أحمد زكي في المستشفى وعندما نصحه الأطباء بالتزام الفراش حتى لا يتعرض لانتكاسة رفض وأصر وذهب اليه والتقيا، كان والدي على كرسيه المتحرك وكان احمد زكي على فراشه شاحباً ومن يومها ازدادت آلام والدي، ومات أحمد زكي فبكاه عبد الله محمود ثم داهمته الغيبوبة أكثر من مرة كان آخرها قبيل ذكرى اربعين احمد زكي حتى وافته المنية.
ايضاً تعاون مع الزعيم عادل امام بفيلمي "شمس الزيناتي" و"حنفي الابهة"؟
صحيح، لكني لم اكن التقي بالزعيم بعد وفاة والدي الا مؤخراً حيث تعرفت اليه عن قرب أكثر واكتشفت أنه صاحب أطيب قلب ويحب والدي جداً وأخبرني انه تعمد أن لا يزوره حين كان مريضاً لأنه لا يتحمل أن يرى رفاقه بحالة مرضية يُرثى لها، ويحب أن يحتفظ لهم بخياله بصورتهم الجميلة.
ماذا أحببت من الأعمال الرمضانية الدرامية؟
أحببت "ونوس" كان عملاً رائعاً وصفقت للدكتور يحيى الفخراني من كل قلبي، وعلى فكرة "مأمون وشركاه" للزعيم عادل امام لم افهمه اول الامر لكن فيما بعد استوعبته جيداً وايضاً صفقت له بحرارة وانا ابكي لا سيما في المشهد الاخير الذي نسمع به صوته لحظة دفنه، أحببت "أفراح القبة" جداً والمخرج محمد ياسين غول بالاخراج وذو قيمة وله وجهة نظر متفردة.
من الأعمال اللبنانية؟
أحببت العام الماضي "تشيللو" كان عملاً جميلاً.
لمن تستمع؟
"اسمع كل حاجة وعلى حسب الدور اللي بمثلو"، يعني لو كنت أمثل دوراً شعبيا سأسمع الاغنيات الشعبية، ولو عملا دراميا سأسمع الاغنيات الرومانسية لكن كل يوم صباحا لابد ان استمع بكل الاحول واستقبل نهاري بصوت السيدة فيروز التي عشقتها منذ اول رحلة لي الى بيروت منذ سنوات، وجورج وسوف سلطان الطرب، واحب راغب علامة السهل الممتنع وعلى فكرة والدي كان يعشق فيروز جداً وايضاً ام كلثوم وعبد الوهاب، وايضاً صديقه النجم عمرو عبد الجليل عاشقاً لفيروز وحافظاً لكل اغانيها.
ماذا عن احلامك؟
عيني على العالمية من خلال وجهي المصري أي أن اجسد شخصية العربي المصري بفيلم عالمي لأبيّن للغرب أن العرب ليسوا ارهابيين.
ماذا عن زوجتك؟
هي الاعلامية السورية سارة نخلة، ومؤخراً بدأت تعمل بالتمثيل وشاركت بفيلم "عصمت ابو شنب" مع ياسمين عبد العزيز، ومسلسل "الدخول في الممنوع".